إبحارٌ في الصمت
كلما أبحرتُ في الصمتِ
تناءت أغنياتي
وتلاقى في دروبِ الوعدِ
ما ضاعَ من الأيامِ..
والأحلام
في الخيبةِ..
والتيهِ
وألفيتُ البقايا
من دمي الضائعِ
مزروعاً على كلّ الجهاتِ
***
كلما ناديتُ أحبابي
تلقى الصمتُ..
والنسيانُ..
والغفلةُ..
فيضَ الكلماتِ
***
كلما رحتُ أناغى
في مهبِ الريحِ..
والليلِ
نجومي
عربدت في كأسي الفارغِ
آلامٌ..
وأوهامٌ..
وساقتني بقايا الرحلة الحمقاءِ
مجنوناً..
ويحدوني دمُ الآهاتِ
ممتداً على شوكِ الشتاتِ
***
أيها القابعُ في الأضلاعِ..
أسقيكَ دموعي
تلكم الأعوامُ تمضي
وعلى وجدكَ أوقدتُ
اغترابات شموعي
وتلقيتُ الهوى يحبو
ولا ينهضُ إلاّ للمماتِ
***
أيها القابعُ في الأضلاع..
تدعوني بهمسِ الأمنياتِ
غيرَ أن الدربَ مسدودٌ
ولا ألقاكَ
إلاّ بين أحداقِ النجومِ النائياتِ
***
تلكم الأعوامُ
تبقيني على حدِّ السكاكينِ
وتبقيكَ بقلبي
نسمةً حرى
من النخلِ العراقي
ودمعِ الأمهاتِ
***
يا سنيَّ العمرِ
يا وجداً أضاعَ البحرَ
والميناءَ
والقادمَ من أيامهِ البيضاء
واصطادتهُ في كلِّ مرافي التيهِ
أشواكُ الحياةِ
***
راحلاً في الريحِ
لا يحلمُ إلاّ بايابٍ
مفعمٍ بالنخلِ والأحبابِ
والقداحِ..
والآس المُعلّى
بين شوقي.. وعذابي
راحلاً..
والغربةُ العمياءُ
تنمو بين أجفاني
وطيّات اكتئابي
***
ها هي الأعوامُ تجري
والمواويلُ التي ظلت
تماشيني زماناً
ضيّعتني
ووجدت الحُلمَ
يصطادُ الفقاعاتِ
على شاطي التمني
ووجدتُ الصمتَ..
والأحبابَ..
مشغولينَ عن وجدي وعني
ها هي الأعوام تنأى..
وأنا أنأى ..
وأشواقي التي خلفتها في البيتِ
تنأى
لم أجدْ شيئاً على الأعوام
يدنو من هوى قلبي ومني
***
أيها الصمتُ العراقيُ
الذي ضاعَ بأوهامِ الضجيجْ
كلما أبحرتُ في عينيكَ
ألفيتُ الرؤى غرثى
وألفيتُ الأماني
سارحاتٍ في الضياعْ
ووجدتُ العمرَ
مسفوحاً
على كلِّ البقاعْ
ووجدت العامَ تلو العامِ
يأتي ..
ثم يمضي..
لا لقاءٌ..
لا وداعْ..
لم أزل أرقبُ
إطلالةَ نخلي وشموعي
لم أزلْ أغرقُ
في فيضِ اكتئابي
ودموعي
لم أزلْ يا صمتُ
يا عاماً جديداً
أرتجي يومَ رجوعي
لم أزلْ أنشدُ
من خلفِ غمامات بكائي
أنجماً...
بدراً...
شموساً لربوعي
آه كم أرجوكَ!
كم أدعوكَ!
كم أشكوكَ..!
يا يومَ رجوعي
آه يا يومَ رجوعي..!!